القباب ... في دبة الفقرا

الكلام للورد كتبه في احد المنتديات

وانا نقلتو لي هنا


فالشيخ غلام الله بن عائد معروف أنه
أول من أسس فرعاً لخلوة غلام الله بن عائد من
دنقلا إلى دبة الفقراء (شمال السودان عند
منحنى النيل). وعاش هؤلاء المشايخ الأعلام
ردحاً من الزمان في هذه المنطقة ولهم سبع من
القباب معروفة بقباب الدواليب، وكانوا وقتها
على الطريقة القادرية، واستمرت لهم الخلافة،
ولكن للدواليب نشاطات صوفية ونشاطات علمية،
والنشاط الصوفي القادري كان يتمثل في أذكار
القادرية وأورادها وآدابها ودورها الديني
والاجتماعي، ولهم نشاط وجهود في تحفيظ القرآن
الكريم.
وكانت لخلوة القرآن التي أسسوها بدبة
الفقراء صلات مع سلاطين دارفور الذين كانوا
يدعمون هذه الخلوة وطلبوا من الخليفة محمد
الأحمر الذي أسس خُرسي أن يأتي إليهم في بلدة
الفاشر ليقيم هذه الخلوة هناك، فتحرك الشيخ
محمد الأحمر بطلابه وأهله وبكل أبناء القبيلة
ما عدا جزء من أبناء القبيلة الذين انتقلوا
إلى منطقتي الكدرو والحلفايا شمال بحري، وجزء
آخر من أبناء القبيلة انتقلوا إلى حمرة الوز
(بشمال كردفان) وبقية أبناء القبيلة من
الدواليب انتقلوا مع الشيخ محمد الأحمر
(الخليفة الثمن لخُرسي) إلى أن وصلوا إلى بلدة
خُرسي فطاب لهم المقام فيها ورأوا أنها مكان
ملائم ومناسب ليستقروا فيه.
خُرسي والطريقة القادرية
أخذ الشيخ محمد الأحمر الطريقة القادرية في
فترة سكنه بدبة الفقراء – على النيل بشمال
السودان – وسند الطريقة القادرية لدى
الدواليب أخذوه من خارج السودان، ولم يكن لهم
ارتباط في السند القادري بمشايخ في السودان.
وفي فترة خُرس كان الشيخ محمد الأحمر
قادرياً، وخلفه ابنه إدريس وقد كان قادرياً
أيضاً، واستمرت الطريقة القادرية في القبيلة
وفي بيت ود دوليب.
خُرسي والطريقة التجانية
تحولت الطريقة القادرية في خُرسي إلى
الطريقة التجانية في عهد الشيخ محمد ود دوليب
فقد كان قادرياً ثم أخذ الطريقة التجانية
وكذا خليفته ابنه الشيخ إدريس (دفين الأبيض)
كان تجانياً فقط، ثم الخليفة الشيخ الدرديري
أخوه لأبيه أصغر أبناء الشيخ ود دوليب وكان
تجانياً. فكانت خلافة الشيخ محمد الأحمر
بخُرسي منذ عام 1170هـ وتوفي الشيخ محمد ود
دوليب عام 1300هـ - 1883م وخلفه الشيخ إدريس
لحوالي ثلاث سنوات ثم تولي الخلافة الشيخ
الدرديري عام 1886 وتوفي عام 1939 ثم خلفه الشيخ
جعفر والذي توفي عام 1967 ثم خلفه الشيخ الدسوقي
والذي توفي عام 1980 ثم خلفه الشيخ الدرديري
والذي توفي في عام 1998 والذي خلفه الخليفة
الحالي الشيخ جعفر.
سند الطريقة التجانية بخُرسي
أخذ الشيخ محمد ود دوليب الطريقة التجانية
على يد الشيخ مولود فال اليعقوبي (موريتاني
الجنسية) وله خلافة للطريقة التجانية
بموريتانيا. وقد جاء أمر من الحضرة من الشيخ
أحمد التجاني بأن هنالك شخصاً في السودان
يسمى بمحمد ود دوليب ومهمتك أن تعطيه أمانة
الطريقة التجانية والإذن المطلق فيها.
وقد سار الشيخ مولدو فال بقافلة، وأمره الشيخ
أحمد التجاني بأن يسير ليلاً، وأن يرتاح
نهاراً وأن يهتدي بنور يسيروا باتجاهه فإذا
انقطع النور في منطقة لمدة ثلاث ليال فهذه
منطقة تكون منطقة الشيخ محمد ود دوليب.
وبالفعل عندما مروا بمنطقة خُرسي انقطع
النور لمدة ثلاث ليال، وقتها كانت خُرسي
عامرة بالمسيد وخلوة القرآن وحلقات العلم،
وقد أحدث الشيخ محمد ود دوليب نقلة ونهضة في
خلوة القرآن فازداد طلاب خلوة القرآن
ازدياداً كبيراً، فكان يشرف على خلوة القرآن
ويقوم بتدريس العلم بنفسه، وقد قام بتحفيظ
الطلاب المتون بالألواح كما يحفظون القرآن
ويشرح المتون بنفسه فكان النشاط العملي
واسعاً.
فالشيخ مولدو فال أعطى الطريق التجاني للشيخ
محمد ود دوليب، إذ قال له أنا مأمور بإعطائك
الطريقة التجانية، ثم سأله هل الطريقة
القادرية غير موصلة إلى الله؟ فقال الشيخ
مولدو فال: إن الطريقة القادرية موصلة إلى
الله. فقال الشيخ محمد ود دوليب: أنا لا أترك
طريقي القادري، فحاول الشيخ مولدو فال مع
الشيخ محمد ود دوليب أكثر من مرة فلم يستجب
له، فرأى الشيخ محمد ود دوليب رؤية منامية،
رأي فيها الرسول صلى الله عليه وسلم والشيخ
أحمد التجاني، فأمره الشيخ أحمد التجاني بأخذ
الطريقة التجانية، فبعد أن استيقظ ليلاً أخذ
الطريقة التجانية من الشيخ مولدو فال في نفس
الليلة قبل الفجر، فطلب الشيخ محمد ود دوليب
من الشيخ مولدوفال أن يعطيه الطريقة
التجانية، فأخذها وأخبر مريديه وأهله
فانتقلوا إلى الطريقة التجانية.
أول من أدخلها للسودان
في هذه الفترة الزمنية لم تدخل الطريقة
التجانية السودان ولم يعرف أهل السودان
الطريقة التجانية إلا بعض المحاولات للشيخ
الماحي الدارفوري والذي ليس له الآن خلافة
معروفة، ولا توجد دراسات عنه، ومن المؤكد أن
الشيخ الماحي الدارفوري كان ينشر الطريقة
التجانية قبل الشيخ محمد ود دوليب وذلك في
مناطق دارفور، ولكن ليس هناك شيخ في السودان
يقوم بنشر الطريقة التجانية، ولم يكن لأهل
السودان معرفة بها، ولذلك يقال دائماً إن
الشيخ محمد ود دوليب هو مؤسس الطريقة
التجانية في السودان من ناحية تاريخية.
بعدها جاء الشيخ محمد مختار ونشر الطريقة
التجانية ومكث ستة أشهر بخُرسي ثم اتجه إلى
الشمالية ونشر الطريقة فيها، ومن تلاميذه
الشيخ أحمد الهدي، والشيخ محمد ود مسيوم، ثم
وفد بعض التجانية من دول أفريقيا ونشروا
الطريقة بالسودان بينما أخذ بعضهم الطريقة
التجانية من خارج السودان.
مولد الشيخ ود دوليب
ولد الشيخ محمد ود دوليب ونشأ بُخرسي وحفظ
القرآن بخلوتها، ودرس العلم في سن متقدمة على
يد الشيخ محمد بارقوم البرناوي من قبيلة
برنو، الذي جاء من مصر عابراً بطريق خُرسي
الذي تمر به القوافل من الأزهر الشريف، والذي
درس فيه مدة ثلاثين عاماً، فطلب الشيخ يس عم
الشيخ محمد ود دوليب من الشيخ برناوي أن يدرس
الشيخ محمد ود دوليب العلم، ففي بادئ الأمر
رفض هذا الطلب، ولكن جاءته إشارة منامية أن
يوافق على تدريس الشيخ محمد ود دوليب، أن يمحو
من قلبه حب المال، فالمال والعلم ولا
يجتمعان، فقد كان الشيخ ود دوليب له مال كثير،
وكان الشيخ البرناوي يجمع (كوم تراب) ويقول
هذا حب المال فيزيل التراب، فيزيل الله حب
المال من قلب الشيخ محمد ود دوليب، ثم قال
للشيخ ود دوليب أنت صاحب جاه، وحب الجاه
والعلم لا يجتمعان، يجب أن تتنازل عن الجاه..
فقام بتجميع التراب ثم يزيله، فيزيل الله حب
الجاه من قلب الشيخ محمد ود دوليب .. فقال له كم
عندك من النساء؟ فقال له لدي أربع نساء من
الحرائر ومن الإماء كُثر، فقال له: استشر
الحرائر فإنك سوف تنقطع للعلم وتنعزل عنهن
أبقى من توافق وانفصل عن اللاتي يرفضن،
فوافقت واحدة هي زينب وطلق الثلاث الأخريات،
فدخل الخلوة لتلقي العلم وسمح له أن يرى أمه
من على نافذة الشباك يلقي عليها التحية ثم
يرجع. فاستمرت فترة العلم ثماني سنوات بعدها
سمح له بزيارة أولاده مرة في الأسبوع، وبعد
عشر سنوات أعطي إجازة العلم وقال له: كل العلم
الذي درسته في الأزهر الشريف مدة ثلاثين
عاماً أعطيتك له في عشرة سنوات.
طلاب حول الشيخ
ومن طلاب الشيخ ود دوليب في العلم الشيخ ود
الطفح من أبناء الجعليين الذي كان قد وكله
الشيخ ود دوليب في جانب الفتوى ثم يجيزها
بختمه دون أن ينظر للفتوى ثقة منه في تلميذه
ود الطفح، وبعد وفاة الشيخ الطفح قام بأمر
الفتوى الشيخ الدسوقي (المتوفى بأم درمان) حي
ود ارو ميدان الشهداء، فكان مسئولاً عن كتابة
الفتاوى إنابة عن الشيخ ود دوليب، فسأل الشيخ
ود دوليب عن الشيخ الدسوقي فقيل له إن الشيخ
الدسوقي في ليلة زواجه اليوم، فقال لهم: (إنه
وجد العلم رخيصاً في بيت أبوه وأمه وما شاف
الناس تعبوا في العلم كيف). فكشف الشيخ ود
دوليب عن ساقي رجله فقال الشيخ الشريف في أبو
زبد قال: هذا أول يوم نشوف رُكب شيخنا فهي
كأخفاف البعير. ومن أبرز الطلاب الذين أخذوا
العلم على يدي الشيخ محمد ود دوليب، هو شيخ
الإسلام الشيخ محمد ود البدوي الذي أخذ العلم
على يد الشيخ إبراهيم شريف الدولابي الذي أخذ
العلم على الشيخ محمد ود دوليب وكذلك الشيخ
عمر (رجل الكريدة). وقد أكرمه الله عز وجل
بمؤلفه المنظومة التي تحدثت عن قضايا مختلفة.
جاءته المواهب في مكانه
من سمات ومميزات ومواهب الشيخ محمد ود دوليب
في العلم والقرآن والطريق أنه لم يهاجر طلباً
لحفظ القرآن الكريم، أو العلم أو التصوف، فكل
هذه أتته في مكانه، فقد حفظ القرآن الكريم
بخلوتهم، ودرس العلم بمسيدهم، وجاءته
الطريقة التجانية بمسيده.
يرجع تاريخ القرية إلى دولة الفونج في العام
1170هـ..
(خرس) .. هو موظف الجباية والضرائب
في عهد الفور